من نحن | تواصل معنا: tahrir@mashahidsooriyyah.org

لن أسامحكم!

إعداد وتصوير محمد العمر، شبكة الركبان
٢٠٢٢/٣/٢٨
[ENGLISH]      


على عربة يجرها حمار، يتنقل عباس محمد في مخيم الركبان يبيع الماء، كان عمره حين جاء إلى المخيم ثمانية أعوام، ذاكرته البعيدة فيها بيتٌ ومدرسة وألعاب وأشجار ونهر، ذاكرة بدأت تتلاشى أمام واقع جديد في مخيم وصحراء وشقاء، حيث تذبل طفولته أو تُقتل، ويروي لنا محمد:

أنا محمد عباس، صرت نازحا وعمري فقط ثمانية أعوام، اليوم أبلغ من العمر ١٣ عاما، جئت من ريف حمص الشرقي، أذكر أشياء جميلة حيث ولدت، كنت أحب اللعب كثيرا، ألعب حتى أتعب، اليوم أتعب لأسباب أخرى.

بدأت أنسى ما أذكره عن بيتي القديم، وأظل أستمع لقصص عن حياتنا القديمة من عائلتي، أما الآن فلا أعرف سوى هذه الصحراء وهذا المخيم، ولا أعرف تماما لماذا لا نستطيع الخروج منه، لكن ما أعرفه أنني إذا ابتعدت عنها فسأموت.

عندي خمسة أشقاء، أساعد في تأمين لقمة العيش لهم، لذا فأنا أعمل على هذه العربة وأبيع الماء في المخيم، هذه العربة مستأجرة، أتنقل بها يوميا من الصباح الباكر حتى قبيل غروب الشمس بقليل.

يحزن أبي كثيرا لأنه يعتقد أنني أعمل أشياء مطلوبة فقط من الكبار، لكن أنا أحب عائلتي ويجب أن أساعدها، أنا يفترض أن ألتحق بمدرسة إعدادية، لكن لا وجود لمثل هذه المدارس في الركبان.

ثيابي قديمة ومهترئة، لا بأس، فأنا أعمل طوال الوقت، لذا فهي ثياب عمل، تزعجني أنني لا أشعر بالدفء شتاء، وفي الصيف درجات الحرارة لا تحتمل، إنها صحراء، قيل لي إن ذلك شيء طبيعي، لكن لا أعتقد ذلك، لماذا توجد الصحاري إذا كانت الحياة فيها هكذا.

أقضي وقتا طويلا على العربة، الحمار صديقي، أحيانا أشفق عليه في بعض الطرق الوعرة، وأنزل من العربة، وأساعده.

أخشى أن أصاب بالمرض، في إحدى المرات حين مرضت لم يكن ثمة طبيب نذهب إليه ولا دواء، أحد الأطفال الذين عرفتهم مرض وأخرجوه خارج المخيم ولم يعد حتى اليوم لا هو ولا أمه.

تسألني بماذا أحلم؟ مم..نعم.. رأيت في إحدى المرات على موبايل أحدهم صورة حقيبة جميلة، نعم أريد مثلها وأيضا أريد دفتر رسم وألوان، هنا في المخيم لا توجد ألوان كثيرة، أحب أن أرسم، وأتمنى أن يتحقق حلم والدي بالعودة إلى بيتنا، يقول أيضا أن ذلك لن يكون في وقت قريب لأن لا أحد يكترث لنا ويساعدنا وهو لن يسامحهم، لا أعرف من هم لكن أنا أيضا لن أسامحهم.